إسرائيل تواصل منع أولاد أسرى غزة من زيارة آبائهم المعتقلين في إسرائيل

إسرائيل تواصل منع أولاد أسرى غزة من زيارة آبائهم المعتقلين في إسرائيل

تحميل الملف بصيغة PDF

نشر بتاريخ: 12/05/2014

في حزيران 2012 جدّدت إسرائيل، جزئيًا، زيارات عائلات الأسرى الفلسطينيين من سكان قطاع غزة في السجون الإسرائيلية،
في أعقاب إضراب عن الطعام قام به قرابة ألفيْ أسير فلسطينيّ.

وفي قرارها تجديد الزيارات، وضعت إسرائيل معاييرَ متصلّبة ولم تسمح إلا بزيارة والديْ الأسير وزوجه. أمّا سائر أفراد العائلة، ومن ضمنهم أولاد الأسير، وأخوته وأخواته وجدّه وجدّته،فلم يُسمح لهم بالزيارة بتاتًا [ 1]. في أيار 2013 سهّلت إسرائيل هذه التقييدات قليلاً وسمحت للأولاد دون سنّ الثامنة بزيارة آبائهم. في أيلول 2013 سمحت إسرائيل أيضًا للأولاد بين 10 – 8 سنوات بالزيارة. ولم توفر إسرائيل في أيّ مرحلة تسويغًا رسميًا لقيود الجيل المفروضة على زيارات الأولاد، في حين أنّ هذا التقييد لم يُفرض على أولاد الأسرى الجنائيين وعلى الأسرى السياسيين (الأمنيين) من سكان الضفة الغربية وإسرائيل.

وبناءً على معطيات مصلحة السجون، فإنّ إسرائيل كانت تعتقل حتى نهاية نيسان 2014 ، 460 أسيرًا من سكان قطاع غزة:
373 أسيرًا منهم مصنّفون ك “أمنيين”، و 87 منهم ك “جنائيين”. ووفقًا لمعطيات وزارة الأسرى في غزة، فإنّه لا يُسمح إلا ل 164 قاصرًا أجيالهم تحت سن العاشرة بزيارة آبائهم المعتقلين في إسرائيل، وذلك من بين 424 قاصرًا بالمجمل.

قام مركز بتسيلم، في أثناء الشهور الأخيرة، مجدّدًا، بجمع إفادات من أولاد الأسرى مّمن هم دون سن العاشرة، ومن الأخوة والأخوات الذين لم يتسنَّ لهم زيارة أعزائهم منذ عام 2007 . ووصف أولئك شوقهم الكبير والمصاعب التي يعانونها في أعقاب الانقطاع شبه التام عن الأب: فالأسرى السياسيون يُمنعون من استخدام الهاتف والعلاقة الوحيدة بينهم وبين أفراد العائلة الممنوعين من زيارتهم تكون عبر الرسائل. ولا يحقّ للزوّار نقل أكثر من ثلاث صور للأسرى في كل زيارة.

يُعتبر حقّ المعتقلين والأسرى بتلقي الزيارات العائلية، وحقّ أفراد عائلاتهم، بمن فيهم الأولاد، بزيارتهم، حقًّا أساسيًا معترفًا به في القانون الدوليّ والإسرائيليّ، على حدّ سواء. وينبع هذا الاعتراف من الإدراك الذي ينظر إلى الانسان باعتباره كائنًا اجتماعيًا يعيش في إطار العائلة والمجتمع، ومن الحق في الحياة الأسريّة. ويسري هذا الحق على كلّ ما يخصّ كلّ معتقل وأسير، بغضّ النظر عن جسامة المخالفة التي أدين بارتكابها.

بتسيلم يطالب السلطات ثانية بالسماح لكلّ أفراد العائلة بدرجة قرابة أولى، وخصوصًا جميع الأولاد دون سنّ الثامنة عشرة، بزيارة أعزائهم من سكان قطاع غزة والمعتقلين في إسرائيل، كما تدرج على السماح بذلك للأسرى من الضفة الغربية وإسرائيل. ليس هناك أيّ مبرّر أو مسوّغ للتمييز بين الأسرى بالاستناد إلى أمكنة سكنهم، وخصوصًا أنّ الحديث يدور عن الأولاد.

إفادة لين السفطاوي، 13 عامًا، من مدينة غزة، والتي لا تعرف والدها المعتقل في إسرائيل منذ 14 عاماً.
الطفلة لين الصفطاوي، منعت من زيارة والدها الاسير

قالت في افادتها:أنا طالبة في الصفّ الثامن في مدرسة دار الأرقم. أنا أعيش بمعية أخوتي وأمي في منطقة السفطاوي في مدينة غزة. لي ثلاثة أخوة وأخت: جهاد ( 23 عامًا)، حمزة ( 24 عامًا)، أسعد ( 20 عامًا) وسارة ( 16عامًا).
اُعتقل والدي عماد أسعد هاشم السفطاوي يوم 2000 / 12 / 13 في معبر رفح وهو عائد من مصر. كان المعبر آنذاك تحت السيطرة الإسرائيلية، وقد حُكم عليه بالسجن 18 عامًا. وتروي أمّي أنني زرته مرة واحدة فقط عام 2004 . سافرت مع جدتي وأخي جهاد إلى سجن نفحة. أنا لا أذكر شيئًا من الزيارة أو من أبي حيث أنني لم أتعدّ وقتها السنوات الثلاث.

وقد حدّثتني جدتي بعد ذلك عن الزيارة.
أبلغ اليوم 13 عامًا ولا أعرف أيّ شيء عن أبي. أنا لا أذكره يحتضنني مثل سائر الأولاد في العالم، الذين يشعرون بمحبة ذويهم لهم. أنا أشعر بالكثير من الحزن ولا كلمات تسعفني للتعبير عن مشاعري. أشعر بأنّ شيئًا ما ينقصني في حياتي وخصوصًا في الأعياد والمناسبات الخاصة.

يؤلمني جدًا عندما أرى أبناء عمومتي يحتضنون آباءهم ويتحدّثون معهم عن مشاكلهم وعمّا يمرّون به يوميًا. أنا أحاول إخفاء مشاعري وأحاسيسي ولكنني للأسف لا أنجح بذلك دائًما، وعندها أبدأ بالبكاء. كنت آمل طيلة السنوات أن أزور أبي وأتحدّث معه، وأن أشركه بالأمور التي أعيشها وأن أحدّثه بما يدور في حياتي. أنا آمل جدًا أن يسمحوا لي بزيارته مرة في الشهر على الأقل.

أنا لا أعرف أبي إلا من خلال الصور. المرة الأخيرة التي تلقيت فيها صورة كانت قبل أسبوعيْن، عندما زارته أمي.

سعدتُ جدًا. زيّنتها ورفعتها إلى حسابي في فيسبوك وكتبت: كيف حال أبي؟ هل غزاه الشيب؟ في كلّ مرة أستخدم فيها الحاسوب أرى صورة أبي في الخلفية.

أمي تزور أبي في سجن نفحة مرة كلّ شهريْن تقريبًا. وهي دائمًا تتصل بالصليب الأحمر قبل الزيارة بيوم واحد للتأكّد من أنها سارية، وتسأل ما إذا طرأ تغيير في معايير زيارة أولاد الأسرى. وهم يجيبون دائمًا بأنّه من المسموح لها أن تجلب أولادًا دون سنّ العاشرة، فقط. وفي كلّ زيارة لا تأخذ أمي معها إلا ثلاث صور، وهو عدد الصور المسموح به، وهذا يغضبني أيضًا لأنني أريد أن أرسل له صورًا أكثر.

أنا وأختي وكلّ أخوتي لا يمكننا زيارة والدي. أنا لا أعرف حتى متى ستستمرّ إسرائيل بسلبي الحقّ في زيارته. أنا أخشى ألا أتمكّن من رؤيته إلى أن يُطلق سراحه.

* سجل هذه الافادة الباحث في بتسيلم خالد العزايزة.

افادة الطفل رامز الفرا، 13 عامًا، من خان يونس، والذي رأى والده المعتقل في إسرائيل عندما كان في السابعة:-
الطفل رامز الفرا منع من زيارة والده الاسير

قال في افادته: أنا طالب في الصف الثامن في مدرسة عيد الآغا. أنا أعيش مع أمي وأختيّ، منى ( 15 عامًا) وندى ( 16 عامًا) في منطقة السطر الغربي في مدينة خان يونس. لديّ أختان أخريان متزوّجتان، الأولى مريم ( 20 عامًا) ورنا ( 17 عامًا). والدي، رئيف الفرا، من حركة فتح واُعتقل يوم 2004 / 12 / 11 على يد الجنود في حاجز أبو هولي (حاجز كان يفصل بين شمال القطاع وجنوبها). كنت عندها في الرابعة من عمري. وتقول والدتي إنّ والدي تلقى حكمًا بالسجن المؤبّد، وهو معتقل اليوم في سجن نفحة في إسرائيل.

حتى عام 2007 زرته برفقة أمي وجدّتي مرتيْن في الشهر. وقد زارته أخواتي أيضًا. لم يكن هناك أيّ تقييد على أجيال الزوّار.
كانت زيارتي الأخيرة في صيف 2007 ، وأنا لا أذكر متى تمامًا. كان والدي في سجن نفحة وسافرت برفقة أمي وجدّتي وأختي منى. سعدتُ جدًا برؤية والدي. مكثنا لديْه ل 45 دقيقة. لم أستطع احتضانه بسبب الحائط الزجاجيّ الذي يفصل بيننا، وتحدّثنا عبر الهاتف. في نهاية الزيارة قطع السجانون خط الهاتف وأمرونا بترك السجن.أنا أذكر أنّ السجانين سمحوا لنا في إحدى الزيارات بالدخول إلى غرفة كان أبي يمكث فيها، واحتضانه. كانت هذه المرة الوحيدة التي احتضنته فيها منذ اعتقاله. لقد سعد أبي جدًا. ورفعني وقبّلني وتجوّل في القاعة وهو يحملني بين ذراعيْه. شعرت بالسعادة وهو يحملني ولشدة الانفعال بدأ باقي الأسرى بالبكاء.

بعد عام 2007 منعت إسرائيل الزيارات للأسرى من قطاع غزة لعدّة سنوات. كنت حزينًا وقلقًا جدًا على والدي لأنّ العلاقة بيننا قُطعت بشكل شبه تام. ومن مرة لأخرى أرسلنا له التحية بواسطة الراديو وفي مرات أخرى بعثنا له الرسائل عبر الصليب الأحمر الدوليّ. شعرت بالاشتياق لأبي وخصوصًا في المناسبات الخاصّة، وأملت بزيارته في الأعياد على الأقلّ.

في عام 2012 ، وعندما سمحت إسرائيل بإجراء الزيارات مجدّدًا، شعرت بسعادة كبيرة. ولكن إسرائيل، وللأسف، قيّدت جيل الأولاد المسموح لهم بالزيارة. كنت وقتها قد بلغت الحادية عشرة ولذلك لم يسمحوا لي بالزيارة الأمر الذي أحزنني جدًا.

أمي تسافر برفقة جدّي وجدّتي مرة كلّ شهريْن تقريبًا. أنا وأختاي نظلّ في البيت حزينين لأنهم لا يسمحون لنا بالزيارة.

أستيقظ في يوم الزيارة مع والدتي السّاعة الثالثة فجرًا وأرافقها حتى موقف الحافلات في خان يونس، ومن هناك صوب حاجز إيرز (المنطار). وأطلب من أمي أن توصل لأبي التحية وأن تقول له إنني مشتاق إليه. أجلس وأنتظر مع أختيّ وعمّاتي إلى أن تعود هي وجدي وجدتي. وعندما يعودون إلى البيت قرابة الساعة 21:00 فإنّ البيت يمتلئ بالأقارب الذين يودّون الاستفسار عن صحة أبي. أنا وأختاي نسألهم عن التفاصيل الصغيرة جدًا في الزيارة كي نعرف ما وضع أبي. الصورة الأخيرة لوالدي والتي رأيتها كانت قبل نحو الأشهر السبعة. جدي وجدتي زاراه في سجن نفحة، وسمح السجانون للزائرين الذين تعدّوا سنّ الخمسين بالتقاط الصور مع الأسير.

أمي تتصل كلّ أسبوعين بالصليب الأحمر الدوليّ وتستوضح مواعيد الزيارات وجيل الأولاد الذين يُسمح لهم بالزيارة. وفي كلّ مرة يقولون لها إنّ إسرائيل لا تسمح لمن تجاوز سنّ العاشرة بالزيارة.

* سجل الافادة الباحث في بتسيلم خالد العزايزة

شاهد أيضاً

صحفي إسرائيلي يحرض على المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى

مقال كتبه الصحفي نوعم أمير في صحيفة “مكور ريشون” بعنوان: “كذب حرية الديانة: قولوا للجميع …